بقلم : رامي حافظ ..انتخابات رئاسة الوفد بين التصويت العقابى وقوة إرادة التغيير


بقلم: رامى حافظ
سردت فى المقال السابق وضع الحزب الحالى وموقف الناخب الوفدى قبل الأنتخابات وهو ما يقودنا إلى تقييم مرشحى رئاسة الحزب وأعتقد أن هناك ثلاث محاور أساسية ستحدد من سيكون الرئيس القادم ، وهى " مزايا وعيوب كل مرشح – الرؤية الفكرية لكل مرشح – رؤية الدولة لكل مرشح " هذه المحاور أهميتها تأتى من مدى تأثيرها على الناخب الوفدى وسنختار كلاً من المرشحين بأعتبارهم الأقرب لمنصب رئيس الحزب وهما الرئيس الحالى والدكتور السيد البدوى :
•الدكتور أباظة " الرئيس الحالى "المحور الأول : المزايا والعيوب .المزايا : برز اسم محمود أباظة حسب أحاديث الذين عاصروا تأسيس حزب الوفد بعدما تشكلت أسرة المصرى بجامعة القاهرة وكان معظم شبابها من المقربين منه وأزداد هذا الحضور بقربه من الدكتور نعمان جمعة وخاصة بعدما وصل لرئاسة الحزب وأصبح أباظة نائب لرئيس الحزب ، وكان نتيجة قربه بأن بدأ التدخل فى تشكيل العديد من اللجان وحسم الكثير من الصراعات أبرزها مع الدكتور أيمن نور زعيم حزب الغد الحالى وطرده من حزب الوفد ، وتطور الأمر إلى تدخله فى تشكيلات الحزب وخاصة التى على علاقة بتكوين الجمعية العمومية التى تمت بموافقته أو بالتوازن مع القيادات المهمة داخل الحزب وعلى رأسهم فؤاد بدراوى والسيد البدوى ومحمد سرحان .
يتميز أباظة بخلفية ثقافية عالية وخطاب هادئ ورزين فهو يمثل النموذج الأمثل لأبناء العائلات المصرية العريقة ، كذلك يتمتع بقدرة كبيرة على صناعة المقولات التى تصبح دارجة مثل " على ممارس العمل العام ان يكون جلده سميك " " لابد أن يسمح النظام بلاعبين جدد فى الملعب " " لابد من أعادة تملك الوطن للمصريين " " العمود الفقرى للتنمية هو الفلاح " وغيرها ، نجاحه فى ضم شخصيات من العائلات الوفدية العريقة .
العيوب : يعاب على أباظة التجاهل التام لأعضاء الحزب وعدم القدرة على حل المشاكل العديدة فى اللجان ، أتخاذه مواقف ملتبسة تسببت فى تأكيد صورة لدى الرأى العام بان الأحزاب ديكور للنظام الحاكم ، أطلاق يد أنصاره فى الحزب ، عدم متابعة نشاط اللجان ، عقد جمعيات عمومية على كل صغيرة وكبيرة والأنفاق عليها ببذخ حتى سميت " جمعيات كنتاكى " ، مخالفة وعده بعدم الترشح ثانية ، أختياره لمجموعة من الشخصيات التى شلت الحزب على رأسهم منير فخرى عبد النور سكرتير عام الحزب والقائمة تطول ، عدم حسم صراعات الأقران كما سماهم ، أعداد برنامج للحزب دون التوافق مع قيادات الحزب ، عدائه لحرية الصحافة أحد قضايا الحزب الأساسية ، الدور المبهم داخل البرلمان حتى ان وصل بالإشادة به من قبل قيادات الحزب الوطنى دائماً ، أتخاذه مواقف ملتبسة أظهرت حزب الوفد بأنه حزب شيوعى مثل موقفه من بنك القاهرة ، الهجوم على القوى الدولية أهمها الولايات المتحدة تحت ستار الهجوم على إسرائيل وما يكتب فى الجريدة فضيحة يعلمها الجميع كذلك موقفه من تجميد اتفاقية كامب ديفيد ، عدم تحديد مواقفه من قضايا خطيرة مثل العلمانية والمواطنة والبرادعى والتوريث والوصول للسلطة .
المحور الثانى : الرؤية الفكرية .يعد أباظة النموذج العلمانى الحقيقى داخل الحزب حيث يعد التعبير القوى لمجموعة 66 ونادى المعرفة وبعض الشباب فى المحافظات فهو يعد أنتصار لهذه القوى ، فهو يمثل الخط الفكرى للزعيم سعد زغلول عدا تصادمه مع الدولة والزعيم سراج الدين عدا اهتمامه بمشاكل الحزب وحنكته فى الرد على القضايا التى تهم الرأى العام فهو مزيج من الأثنين عدا الأستثنائين المذكورين .
المحور الثالث : رؤية للدولة لأباظة .يعد أباظة بالنسبة لنظام السياسى الديكتاتورى الذى نعيش فى ظله النموذج الأمثل لرئيس أكبر حزب معارض فالنظام يفضل تحركاته بل ويسمح له بالتحرك ويقدمه على أنه المعارضة المسئولة ، وبالتالى لن تبخل الدولة فى مساندته طالما يفيدها ولكنها تعلم ان ظهورها سيتسبب فى إسقاطه نتيجة لتجاربها المؤلمة مع من ساندتهم ويتوقع ان يكون التدخل بالعنف لإبرازه بطل ولكن كيف يكون ذلك ؟ الإجابة ستحددها الفترة القادمة .
•الدكتور السيد البدوى " المرشح الأقوى " المحور الأول : المزايا والعيوب .المزايا : يتميز بأنه فى نظر الكثير من الوفديين أبن الطبقة المتوسطة الكادحة الذى وصل بمجهوده إلى السماء ، تاريخه الوفدى المشهود بالألتزام الحزبى وتفضيله مصلحة الحزب على مصلحته الشخصية ، ممارسته مهام السكرتير العام جعله على معرفة قوية بأعضاء الوفديين المحركين للجان داخل الحزب والذين شهدوا الكثير منهم له بالديناميكية والأداء القوى .
أظهر البدوى فى خطاباته الأنتخابية باللغة الهادئة والرزينة معرفته الجيدة بمشاكل الحزب العامة والشباب خاصة ، قدرته على جمع رموز الوفد خلفه فى معركته الأنتخابية مثل بدراوى والنائبين شردى وسباق وأخيراً بهاء أبو شقة هذا غير الأصوات الموجودة بالأساس داخل الهيئة العليا ، التعاطف الكبير الذى حصل عليه نتيجة موقفه الرزين بعد إسقاطه من قبل أنصار أباظة .تعد الميزة الأهم خطاب القوة الذى يتحدث به عن الوفد وما يأمل به أن يكون وهو القول الفصل أن أقنع الوفديين بذلك فهم فى حاجة لرفع رؤوسهم أمام الرأى العام بعدما أحدثه أباظة .
العيوب : يعاب على البدوى عدم وضوح مواقفه وخاصة تجاه أعضاء الجمعيات الحقوقية الذين يتقلدون الآن مراكز قيادية داخل الحزب ، ابتعاده المتعمد عن الحزب وحتى وأن كان مبرر وذو منطق قوى ، التأكيد فى حديث أنصاره بأنه طيب القلب فهى تعد صورة سلبية لسياسيين وخاصة من يسعى إلى رئاسة أكبر حزب معارض .
المحور الثانى : الرؤية الفكرية .يعد البدوى النموذج الأمثل لصورة الزعيم مصطفى النحاس فالأحترام الشديد لكل الخصوم وخاصة السياسيين وأحترامه لتقاليد والعادات المصرية وخاصة الدينية منها فيعد النموذج لليبرالى المحافظ ، انفتاحه على جميع القوى السياسية وسمعته الطيبة لدى قيادات الدولة فهو لا يعد تهديد صريح للدولة بما يمثل ضمانة للوفديين الذين يعتبرون أن الحزب هو الهم من كل شئ ، لديه مقدرة على فتح الملفات دون حساسية والدليل على ذلك رغم الهجوم عليه وأتهامه بأنه متدين لم يجد حرجاً من طرح نموذج عمرو بن عبد العزيز فى مكافحة الفساد وتصحيح مسار مؤسسات الدولة .
المحور الثالث : رؤية الدولة للبدوى .يمثل البدوى بالنسبة للدولة نموذج مقلق فهو لم يفعل شئ واضح يجعلها تعاديه لكن أيضاً لا تطمئن له فخطاب القوة الذى يتحدث به عن الوفد فى أن يتصدر المشهد السياسى هو ما يعنى أن الحزب سيتحرك وخاصة أن النظام فى حاجة للهدوء فى الفترة القادمة أن كان الرئيس القادم هو جمال مبارك ، فالحاجة تدعو للأستقرار داخل الأحزاب ولكنها فى ذات الوقت تحتاج لرئيس حزب قوى يملك جميع خيوط الحزب التى ضاعت من الرئيس الحالى وتخشى التدخل معه فتؤكد فكرة التلاعب بالأحزاب كذلك لا تفضله كنموذج لرئيس الحزب أو تتدخل ضده وتجعله بطلاً فى نظر الكثير وهو ما أوضحته سلفاً .نختم هذا السرد والمقارنة بين المرشحين الأبرز بأن الأحتمالات كلها مفتوحة وبالتالى فالناخب الوفدى يقع بين رؤيتين كلاهما ليس فى صالح أباظة فالتصويت العقابى ضده أو الأقتناع بخطاب القوة الذى يمثله البدوى فيصنع إرادة التغيير لدى أعضاء الجمعية العمومية هى أكبر مشكلة تواجه الناخب الوفدى وبالتالى سيعتمد التصويت على خبرة الناخب وخلفيته .ولن يبقى أمام أباظة الأ حل وحيد هو التنازل والأتصال بشخصه بأنصاره القدامى ويجمع قواه وعدم الأعتماد على مؤيديه الذين تسببوا فى زيادة أحتمالات إخفاقه وبقوة حتى يعود للسباق الرئاسى .
رئيس لجنة شباب التبين و15مايو بحزب الوفدالمدير التنفيذى للمعهد الديمقراطى المصرىالمقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وحقوق النشر والطبع محفوظة للأقباط متحدون ولذا يرجى ذكر المصدر عند إعادة النشر